كنا إذا سمعنا عنه فزعنا، وإذا علمنا أحدًا أصيب به صُعقنا، ولا يزال ينشر بيننا انتشارًا سريعًا لا نعلم سببه ولا مصدره إلى أن نجد أنفسنا وأرواحنا بين أنياب ذلك الشبح الذي لا يرحم ولا يهدأ حتى يتركنا جثّة هامدة!
إنّه "السرطان".. شبح العصر الحالي، وطاعون القرن الجديد.
لتتعلّم كيف تتجنّب خطره، وتحاول الابتعاد عن الطرق المؤدية إليه، وتقلّل فرص الإصابة به.. تابعْ معنا صفحات هذا المقال.
ما هو السرطان
السرطان هو تكاثر غير طبيعي للخلايا في موقع ما من الجسم، يتبعها انتشار هذه الخلايا في أكثر من موقع، لتتكوّن بعد ذلك كتل سرطانية، تُسمّى بالأورام وهي المسئولة عن أعراض السرطان، أي: إنّه ببساطة يمثّل حالة من الجنون تصيب الخلايا وتنتشر في أنحاء الجسم.. لكن ما الذي دفع تلك الخلايا الهادئة إلى هذا الجنون المفاجئ؟
بداخل كل خلية هناك ما يُسمّى بالحمض النووي، أو مادة (DNA)، ذلك الحمض المسئول عن تحديد مواصفات خلايا الجسم ووظائفها، أي يمكن اعتبار الحمض النووي بمثابة المخ، أو القائد الموجِّه للخلية. يبدأ مرض السرطان بمحفّز للمرض قد يكون داخليًا؛ نتيجة لخلل هرموني مثلاً، أو قد يكون خارجيًا؛ نتيجة لتأثير خارجي من البيئة كالإشعاع. تؤدّي هذه المحفّزات إلى حدوث تغييرات في تركيب الحمض النووي، وبالتالي يتبعه خلل في تركيب ووظيفة الخلية، يؤدي في النهاية إلى تكاثرها بشكل غير طبيعي، فيظهر المرض على إثْر ذلك فجأة.
تزداد فرصة الإصابة بالمرض مع تقدّم العمر، خاصة بعد سنّ الخمسين، كذلك فإنّ السرطان أكثر شيوعًا في الذكور عن الإناث بشكل عام، وتلعب الوراثة دورًا كبيرًا في ظهور المرض، فترتفع نسبة الإصابة بسرطان الثدي في حالة إصابة أحد أقارب الدرجة الأولى بالمرض نفسه، كالأمّ أو الأخت.
إحصائيات عالمية
أكثر أنواع السرطان انتشارًا في شتى أرجاء العالَم حسب عدد الوفيات التي تحدث على الصعيد العالميّ نوضّحها فيما يلي:
أولاً: بين الجميع.. يظهر سرطان الرئة، وسرطان المعدة، وسرطان القولون المستقيم.
ثانيًا: بين الرجال.. يظهر سرطان المريئ، وسرطان البروستاتا.
ثالثًا: بين النساء.. يظهر سرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم.
النظام الغذائي.. والسرطان
يؤكّد الواقع على أنّ نحوًا من 70% من حالات السرطان ـ التي يمكن تفاديها ـ ترجع لنظام غذائي غير صحي قائم أساسًا على الدهون وإهمال الألياف الخضراء، مما يزيد من فرص الإصابة بسرطان الثدي، وسرطان القولون. كما ترتبط السمنة القائمة على نظام غذائي خاطئ بارتفاع فرص الإصابة بسرطان الرحم، وأيضًا سرطان الثدي.
من ناحية أخرى تلعب بعض العناصر الغذائية ـ كفيتامين (C) وفيتامين (E) ـ دورًا أساسيًا في الوقاية من السرطان؛ حيث يمكن تقليل فرص الإصابة بالسرطان من خلال ممارسة نظام غذائي قائم على الألياف الخضراء والفواكه بصفة أساسية، مع التقليل من الدهون واللحوم الحمراء.
التدخين.. والسرطان
تحتوي السيجارة الواحدة على 60 مادة كيميائية مسبّبة للسرطان، فتزداد فرص الإصابة بسرطان الرئة 10 مرات بين المدخّنين مقارنة بغيرهم، يمتدّ ذلك إلى التدخين السلبي فتزداد فرص الإصابة بسرطان الرئة؛ نتيجة للتدخين السلبي بنسبة 30%. وتختلف فرص الإصابة باختلاف عادات التدخين كنوع السجائر، ونسبة القطران، وتاريخ بدء التدخين.
عوامل تزيد من فرص الإصابة بالسرطان
هناك عوامل غاية في الأهمية.. لا بدّ من تجنّبها والابتعاد عنها، منها:
· الخمور والكحول: يرتبط استهلاك الكحول بارتفاع فرص الإصابة بسرطانات الفم والمريئ، فالكحول يسبّب توقف نشاط بعض أنزيمات الجسم المسئولة عن مقاوَمة السرطان، كما يسبّب تحسُّنًا في امتصاص بعض المواد المسبّبة للسرطان من خلال الجهاز الهضمي، وتنتُج عن عملية حرق الكحول في الجسم مادة الأسيتالدهايد، وهي مادة مسبّبة للسرطان.
· التلـــــوّث: يشمل ذلك تلوّث المياه، أو تعكّر الجوّ ببعض المواد المسبّبة للسرطان، أو استخدام معادن معينة في صناعة الأنابيب الناقلة للمياه كالرصاص أو النحاس.
· الإشعـــــاع: تتعدّد فرص الإصابة بالسرطان حسب نوع الإشعاع نفسه ومدّة التعرّض له، خاصة بين العاملين بمجال الأشعة والتحاليل الطبية.
· بعض الفيروسات: كالإيدز.
· بعض الطفيليـات: كالبلهارسيا، التي تزيد من فرص الإصابة بسرطان المثانة.
· الصحة الإنجابيـة: تزيد فرص الإصابة بسرطان الثدي مع ارتفاع عمر المرأة عند أول ولادة لها.
كيف تقلّل من فرص الإصابة بالسرطان؟
أولاً: إرشادات عامة:
· توقّف عن التدخين، وقلّل من التعرّض السلبي لدخّان السجائر قدر الإمكان.
· تجنّب استخدام أية أدوية غير ضرورية، أو تناولها دون استشارة الطبيب المختصّ.
· اتّبع نظامًا غذائيًا يقوم على الألياف الخضراء والفواكه، وقلّل من الدهون واللحوم الحمراء قدر الإمكان.
· تجنّب السمنة.
· تجنّب الخمور والكحوليات.
ثانيًاً: إرشادات خاصّة بالمرأة:
· في حالة الاستخدام الطبي لهرمون الإستروجين يُنصَح بتقليل الجرعة إلى الحدّ الأدنى، خاصة في حالة إصابة أحد أقارب الدرجة الأولى بالسرطان.
· يُنصَح بالفحص المنتظِم لعنق الرحم بداية من سنّ الثلاثين بمعدّل مرّة كل ثلاثة أعوام.
· يُنصَح ـ أيضًا ـ بالفحص المنتظِم للثدي، خاصة عند توافر أحد عوامل الخطر سابقة الذكر.
ننصحك بالآتي:
استشر الطبيب المختصّ عند ظهور الأعراض الآتية:
من الأعراض العامّة:
· حدوث نزيف من أية فتحة من الفتحات الطبيعة للجسم، خاصة عند عدم الاشتباه في سبب طبيّ واضح.
· فقْد الوزن بشكل ملحوظ، ودون سبب مرضيّ محدّد.
· تغيُّر مفاجئ ودائم في عادات التبوّل والتبرّز.
· وجود ألم مستمر في جزء محدّد بالجسم دون سبب ظاهر، ودون الاستجابة للمسكّنات المعتادة.
ومن الأعراض الخاصّة بالمرأة:
· وجود كتلة صلبة غير طبيعية في منطقة الثدي.
· زيادة في دمّ الطمث بشكل ملحوظ، أو في مواعيد غير معتادة.
وفي الختام..
نتمنى لكم جميعًا دوام الصحة والعافية.. وحسن التمتّع والانتفاع بذلك الكنز (الجسم البشري) على حاله كما هو دون ضياع أو خسارة.